*** المُعادِل العملي :
للأستاذ يونس شتات
يؤخذُ على جماعة المثقفين في بلادنا ، من خطباء وكُتّاب ومتعلمين، ومنهم العبد الفقير ، انهم يميلون في طرح أفكارهم ، إلى(التنظير) بمعنى انهم يطرحون في معالجتهم للقضايا ، أفكارا نظرية واسعة ، مثل قميص الرجل البدين على طفل نحيف ، وهم يظنون انهم يحسنون صنعاً ، وأنهم بلغوا المقصود.
وهم لا يدرون أن كل فكر نظري ليس له(معادل عملي) لا قيمة له ، وأنه أشبه بفقاقيع في الهواء .
والمراد بالمعادل العملي البدائل الإجرائية لهذا الفكر ، اوالأقدام التي يسير عليها الفكر النظري ، فخير من قول خطيب المسجد للمصلين ( عودوا إلى الله) أن يقول لهم : افعلوا كذا وكذا ، ففي ذلك عودتكم إلى الله .
وتقوى الله تكون بفعل كذا وكذا ، بمعنى أن يقدم المعادلات العملية على الفكرة النظرية .
وكم قال الزعماء والقادة لنا ولشعوبهم ، سنحقق لكم العيش الرغيد ، والكرامة الوطنية ، والرفاهية الاجتماعية ، ولم يحققوا لهم شيئاً غير اذلالهم وافقارهم.
وكم قالوا وقال المتشيهون بهم من زعماء الأحزاب وقادة الفصائل سنحررها لكم من النهر الى البحر ، ونوحدها لكم من المحيط إلى الخليج ، والوحدة والتحرير يزدادان بعداً .
ما يمكن قوله وتأكيده أن التنظير مضر بالتفكير،ويرخص صاحبه أو يجعله مخادعا له أجندة خاصة ، وأن الإنسان الجاد يطرح الفكر القابل للتحقيق والذي له معادلات عملية تهدي إليه وتجعل تحقيقه ممكناً .